بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سـيد المرسـلين وإمـام المعلمين سـيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
اللهم أخرجنـا من ظلمـات الجهل والوهم، إلى أنوار المعـرفة والعلم، ومن وحول الشـهوات، إلى جنـات القربـات.
فما مـن محنـة يمـر بهـا المؤمن، إلا ووراءها منحة
من الله الجليل الكريم. وما من شـدة تنزل بالمؤمن، إلا ووراءها شدة إلى الله العلي الكبير.
روى الإمـام مسـلم في صحيحه عـن صـهيب أن رسـول الله قال:
(( عجباً لأمر المؤمن، إن أمـره كلـه خير، وليـس ذلك لأحـد إلا للمؤمن، إن أصـابته سـراء
شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صـبر فكان خيـراً له ))
وشـاءت حكمة الله، أن تكون المهمـة الكبـرى التي أنيطت بالنبي ، والتي تبرز أثـر النبوة
المعجز فـي أمتـه والأمم الأخـرى هـي مهمـة القدوة، والأسـوة، والمثل، لأن أكثـر النـاس
يحسـنون الحديث عن المثـل العليا، ولكنهـم لا يعيشـونها، لهذا كانت حيـاة الأنبياء إعجـازاً
ونتائـج دعوتهم إعجـازاً، قال تعالـى:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾
[ الأحزاب:21 ]
روى الإمـام أحمد فـي مسـنده، والترمذي، وابـن حبـان، وابـن ماجـه، عن أنس، رضـي الله
عنـه أن رسـول الله قال: (( لقـد أوذيـت في الله، ومـا يـؤذى أحد، وأخفت في الله وما يخاف
أحـد، ولقد أتـت علـي ثلاثـون، مـن بين يوم وليلة، ومالي ولبـلال طعام، يأكلـه ذو كبد، إلا
شيء يواريه إبط بلال ))
لقد تحمل النبي كل ألـوان التـكذيب والسـخرية والإيـذاء فـوقف المـوقف الـكامل، وما زاد عن
أن قال: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.
ولقد ذاق النبي لذة النصر يوم فتح مكة على الذين أخرجوه وبالغوا في الإساءة إليه، ونـكلوا
بأصـحابه أشد التنـكيل، فـوقف المـوقف الـكامل، إذا كادت عمامتـه تلامس عنق بعيره،
شـكراً لله، وتواضعاً، وما زاد عـن أن قال لهم:
(( اذهبوا فأنتم الطلقاء ))
* * *
فلعل في حـدث الإسـراء والمعراج الـذي جعله الله تـكريماً لنبيه المصـطفى، ومسـحاً لجراح
الماضي، وتثبيتاً لـقلب النبي الـكريم، وتطميناً على مسـتقبل الدعوة، وتعويضاً عن جفوة
الأرض، بحفاوة السـماء، وعن قسـوة عالم الناس، بتكريم الملأ الأعلى.
لعل في حدث الإسراء والمعراج الذي يعد من أضـخم أحداث الدعوة الإسـلامية حيث سـبقته
البعثة وجـاءت مـن بعده الهجرة دروسـاً بليغة للمسـلمين في حاضرهم وفي مستقبلهم.
الإسراء والمعراج في العقيدة الإسلامية حادثة جرت في منتصف فترة الرسالة الإسلامية ما
بين السنة الحادية عشر إلى السنة الثانية عشر منذ أعلن النبي محمد أن الله قد أرسل
جبريل يكلفه برسالة دينية يبلغها إلى قبيلته قريش ومن ثم إلى البشرية وأنها تتمة وخاتمة
لرسالات السماءالسابقة، وحسب التاريخ الإسلامي للفترة هذه والمصطلح على تسميته السيرة
النبوية يعد الإسراء الرحلة التي قام بها النبي محمد على البراق مع جبريل ليلا من بلده
مكة إلى بيت المقدس في فلسطين، وهي رحلة استهجنت قبيلة قريش حدوثها لدرجة أن
بعضهم صار يصفق ويصفر مستهزئاً ولكن النبي محمد أصر على تأكيدها وأنه انتقل بعد من
القدس في رحلة سماوية بصحبة جبريل أوحسب التعبير الإسلامي عرج به إلى الملآ الآعلى
عند سدرة المنتهى أي إلى أقصى مكان يمكن الوصول إليه في السماء وعاد بعد ذلك في
نفس الليلة.
ورد في سورة الإسراء ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ
الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(1)﴾
ويؤكد علماء المسلمين أن هذه الرحلة تمت بالروح والجسد معاً وإلا لما حصل لها الإنكار
المبالغ فيه من قبيلة قريش، وأن هذه الرحلة تجاوزت حدود الزمان والمكان.
روي عن ابن هشام في السيرة النبوية :
قال : ثم أسري برسول الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهو بيت المقدس
من إيلياء، وقد فشا الإسلام بمكة في قريش، وفي القبائل كلها
.
قال ابن إسحاق : كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه، عن عبد الله بن مسعود، وأبي
سعيد الخدري ،وعائشة زوج النبي، ومعاوية بن أبي سفيان، والحسن بن أبي الحسن
البصري، وابن شهاب الزهري، وقتادة وغيرهم من أهل العلم، وأم هانئ بنت أبي طالب، ما
اجتمع في هذا الحديث، كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أُسري به، وكان في
مسراه، وما ذكر عنه بلاء وتمحيص، وأمر من أمر الله عز وجل في قدرته وسلطانه، فيه
عبرة لأولي الألباب، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق، وكان من أمر الله سبحانه والله
على يقين، فأسرى به سبحانه والله كيف شاء، ليريه من آياته ما أراد، حتى عاين ما عاين
من أمره وسلطانه العظيم، وقدرته التي يصنع بها ما يريد .
رواية عبد الله بن مسعود عن الإسراء
فكان عبد الله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول :
أُتي رسول الله بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحُمل عليها الأنبياء قبله، تضع حافرها في
منتهى طرفها - فحُمل عليها، ثم خرج به صاحبه، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض،
حتى انتهى إلى بيت المقدس، فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء
قد جمُعوا له، فصلى بهم . ثم أُتي بثلاثة آنية، إناء فيه لبن، وإناء فيه خمر، وإناء فيه
ماء . قال : فقال رسول الله : فسمعت قائلا يقول حين عُرضت علي : إن أخذ الماء غرق
وغرقت أمته، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته، وإن أخذ اللبن هُدي وهديت أمته . قال :
فأخذت إناء اللبن، فشربت منه، فقال لي جبريل : هُديت وهديت أمتك يا محمد .
رواية الحسن عن مسراه
قال ابن إسحاق : وحُدثت عن الحسن أنه قال : قال رسول الله : بينا أنا نائم في الحجر،
إذ جاءني جبريل، فهمزني بقدمه، فجلست فلم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثانية
فهمزني بقدمه، فجلست ولم أر شيئا، فعدت إلى مضجعي، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه،
فجلست، فأخذ بعضدي، فقمت معه، فخرج بي إلى باب المسجد، فإذا دابة أبيض، بين البغل
والحمار، في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه، يضع يده في منتهى طرفه، فحملني عليه، ثم
خرج معي لا يفوتني ولا أفوته .
رواية قتادة عن مسراه
قال ابن إسحاق : وحُدثت عن قتادة أنه قال : حُدثت أن رسول الله قال : لما دنوت منه
لأركبه شَـمَس، فوضع جبريل يده على مَعرفته، ثم قال : ألا تستحي يا براق مما تصنع،
فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه . قال : فاستحيا حتى ارفضّ عرقا، ثم قر
حتى ركبته .
تفسير كلمة البراق في الروايات الإسلامية:
هو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه.
عودة إلى رواية الحسن
قال الحسن في حديثه : فمضى رسول الله ، ومضى جبريل معه، حتى انتهى به إلى بيت
المقدس، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء، فأمَّهم رسول الله فصلى
بهم، ثم أُتي بإناءين، في أحدهما خمر، وفي الآخر لبن .
قال : فأخذ رسول الله إناء اللبن، فشرب منه، وترك إناء الخمر .
قال : فقال له جبريل : هديت للفطرة، وهديت أمتك يا محمد، وحرمت عليكم الخمر . ثم
انصرف رسول الله إلى مكة، فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر . فقال أكثر الناس
: هذا والله الإمْر البين، والله إن العير لتطرد، شهرا من مكة إلى الشام مدبرة، وشهرا
مقبلة، أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة، ويرجع إلى مكة ! قال : فارتد كثير ممن كان
أسلم، وذهب الناس إلى أبي بكر، فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك، يزعم أنه قد
جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة . قال : فقال لهم أبو بكر : إنكم
تكذبون عليه ؛ فقالوا : بلى، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ؛ فقال أبو بكر :
والله لئن كان قاله لقد صدق، فما يُعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من
الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدّقه، فهذا أبعد مما تعجبون منه،
ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله، فقال: يا نبي الله، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت
المقدس هذه الليلة ؟ قال : نعم ؛ قال : يا نبي الله، فصفه لي، فإني قد جئته - قال الحسن
: فقال رسول الله : فرُفع لي حتى نظرت إليه - فجعل رسول الله يصفه لأبي بكر، ويقول
أبو بكر: صدقت، أشهد أنك رسول الله، كلما وصف له منه شيئا، قال : صدقت، أشهد أنك
رسول الله، حتى إذا انتهى، قال رسول الله لأبي بكر: وأنت يا أبا بكر الصديق ؛ فيومئذ
سماه الصديق . قال الحسن : وأنزل الله فيمن ارتد عن إسلامه لذلك: ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا
الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا
كَبِيرًا(60) ) .
فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله. وما دخل فيه من حديث قتادة.
وصفه لإبراهيم وموسى وعيسى
قال ابن إسحاق : وزعم الزهرى عن سعيد بن المسيب أن رسول الله وصف لأصحابه
إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم في تلك الليلة، فقال : أما إبراهيم، فلم أر رجلا أشبه قط
بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ وأما موسى، فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى كأنه
من رجال شنوءة ؛ وأما عيسى بن مريم، فرجل أحمر، بين القصير والطويل، سبط الشعر،
كثير خِيلان الوجه، كأنه خرج من ديماس، تخال رأسه يقطر ماء، وليس به ماء، أشبه
رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي .
الرسول يصعد إلى السماء الأولى ( حديث الخدري عن المعراج)
قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري أنه قال : سمعت رسول الله
يقول : لما فرغت مما كان في بيت المقدس، أُتي بالمعراج، ولم أر شيئا قط أحسن منه،
وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حُضر، فأصعدني صاحبي فيه، حتى انتهى بي إلى باب
من أبواب السماء، يقال له : باب الحفظة، عليه ملك من الملائكة، يقال له : إسماعيل،
تحت يديه اثنا عشر ألف ملك، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال : يقول
رسول الله حين حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو - فلما دُخل بي، قال : من
هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد . قال : أوقد بعث ؟ قال : نعم . قال : فدعا لي بخير،
وقاله .
صفة مالك خازن النار :
قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله، أنه قال : تلقتني
الملائكة حين دخلت السماء الدنيا، فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا، يقول خيرا ويدعو به،
حتى لقيني ملك من الملائكة، فقال مثل ما قالوا، ودعا بمثل ما دعوا به، إلا أنه لم يضحك،
ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك الذي
قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي، ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم ؟
قال : فقال لي جبريل : أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك، أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك،
لضحك إليك، ولكنه لا يضحك، هذا مالك صاحب النار .
من صفات جهنم:
فقال رسول الله : فقلت لجبريل، وهو من الله بالمكان الذي وصف لكم ( مطاع ثم أمين ) :
ألا تأمره أن يُريني النار ؟ فقال : بلى، يا مالك، أرِ محمدا النار . قال : فكشف عنها
غطاءها، فقال : ففارت وارتفعت، حتى ظننت لتأخذن ما أرى . قال : فقلت لجبريل : يا
جبريل، مُرْه فليردها إلى مكانها . قال : فأمره، فقال لها : اخبي، فرجعت إلى مكانها الذي
خرجت منه . فما شبَّهت رجوعها إلا وقوع الظل . حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد
عليها غطاءها .
عرض الأرواح على آدم:
و قال أبو سعيد الخدري في حديثه : إن رسول الله قال : لما دخلت السماء الدنيا، رأيت
بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني آدم، فيقول لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسّر
به، ويقول : روح طيبة خرجت من جسد طيب ؛ ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه : أف،
ويعبس بوجهه ويقول : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث . قال : قلت : من هذا جبريل
؟ قال : هذا أبوك آدم، تعرض عليه أرواح ذريته، فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها
. وقال : روح طيبة خرجت من جسد طيب . وإذا مرت به روح الكافر منهم أفَّف منها
وكرهها، وساءه ذلك، وقال : روح خبيثة خرجت من جسد خبيث .
صفة أكلة أموال اليتامى ظلما
قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل، في أيديهم قطع من نار كالأفهار، يقذفونها
في أفواههم، فتخرج من أدبارهم . فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة أمول
اليتامى ظلما .
صفة أكلة الربا
قال : ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون، يمرون عليهم كالإبل
المهيومة حين يُعرضون على النار، يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك .
قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة الربا .
صفة الزناة من بني آدم
قال : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثـمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث
المنتن، ويتركون السمين الطيب . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين
يتركون ما أحل الله لهم من النساء، ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن .
من نسبت ابنا لزوجها من غيره
قال : ثم رأيت نساء معلقات بثديهنّ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي
أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .
قال ابن إسحاق : وحدثني جعفر بن عمرو، عن القاسم بن محمد أن رسول الله، قال : اشتد
غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فأكل حرائبهم، واطلع على عوراتهم .
ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثانية، فإذا فيها ابنا
الخالة : عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا، قال : ثم أصعدني إلى السماء الثالثة، فإذا فيها
رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك
يوسف ابن يعقوب . قال : ثم أصعدني إلى السماء الرابعة، فإذا فيها رجل فسألته : من
هو ؟ قال : هذا إدريس - قال : يقول رسول الله : ورفعناه مكانا عاليا - قال : ثم
أصعدني إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية، عظيم العثنون، لم أر
كهلا أجمل منه ؛ قال: قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبَّب في قومه هارون بن
عمران . قال : ثم أصعدني إلى السماء السادسة، فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى، كأنه من
رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران . ثم
أصعدني إلى السماء السابعة، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور،
يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة . لم أر رجلا أشبه
بصاحبكم، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ قال : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أبوك
إبراهيم . قال : ثم دخل بي الجنة، فرأيت فيها جارية لعساء، فسألتها : لمن أنت ؟ وقد
أعجبتني حين رأيتها ؛ فقالت : لزيد بن حارثة، فبشَّر بها رسول الله زيد بن حارثة .
قال ابن إسحاق: ومن حديث عبد الله بن مسعود، عن النبي، فيما بلغني: أن جبريل لم
يصعد به إلى سماء من السماوات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها: من هذا يا جبريل؟
فيقول: محمد ؛ فيقولون: أوقد بعث إليه؟ فيقول: نعم؛ فيقولون: حياه الله من أخ وصاحب!
حتى انتهى به إلى السماء السابعة، ثم انتهى به إلى ربه، ففرض عليه خمسين صلاة في كل
يوم. موسى بن عمران يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام سؤال ربه التخفيف عن أمته
في أمر الصلاة قال: قال رسول الله: فأقبلت راجعا، فلما مررت بموسى بن عمران، ونعم
الصاحب كان لكم، سألني كم فُرض عليك من الصلاة؟ فقلت: خمسين صلاة كل يوم؛ فقال:
إن الصلاة ثقيلة، وإن أمتك ضعيفة، فارجع إلى ربك، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك.
فرجعت فسألت ربي أن يخفف عني وعن أمتي، فوضع عني عشرا. ثم انصرفت فمررت
على موسى فقال لي مثل ذلك؛ فرجعت فسألت ربي، أن يخفف عني وعن أمتي، فوضع عني
عشرا. ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي، فوضع
عني عشرا . ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك، كلما رجعت إليه، قال : فارجع فاسأل ربك،
حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني، إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة. ثم رجعت إلى
موسى، فقال لي مثل ذلك، فقلت: قد راجعت ربي وسألته، حتى استحييت منه، فما أنا بفاعل
.
وإن ما نستفيده من حادث الإسراء والمعراج قدرة الله عز وجل وتصديق النبي
الكريم .
وأهمية الصلاة لأنها العبادة الوحيدة التي فرضت في السماء .
كما نستفيد أهمية بيت المقدس حيث إن كان بإمكانه أن يعرج به من المسجد
الحرام لكن عرج به من المسجد الأقصى ليبين الله عز وجل للناس أهمية بيت
المقدس عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم وعند المسلمين . وعلى
المسلمين أن يحافظوا على هذه الأرض المقدسة وحمايتها من مطامع الأعداء
الدخلاء وأعداء الدين وأن لا يهنوا ولا يجبنوا ولا يتخاذلوا أمام عدوان اليهود
على هذه الأرض المقدسة وأن يطهروها من رجسهم ويعيدوها إلى أصحابها .
اللهم حرر بيت المقدس من أيدي اليهود الغاصبين ... وارزقنا صلاة فيه إنك
على كل شيء قدير ....